استعراض الصحافةtop

حوار هام عن ثروات أفغانستان والأزمة الاقتصادية مع وزير المعادن والبترول سماحة الشيخ شهاب الدين دلاور حفظه الله

عقدت الحكومات السابقة لأفغانستان اتفاقيات مع شركات خاصة لاستخراج ثروات أفغانستان المعدنية، ولكنهم لم يبدؤوا بالعمل فعليًا. ومن جهة أخرى، طوال السنوات السابقة، وفي مناطق مختلفة من أفغانستان كان يتم العمل على استخراج هذه الثروات بطرق غير قانونية ونقلها إلى الخارج.

المناجم في أفغانستان ومواضيع أخرى سنناقشها في هذه الحلقة مع المولوي (شهاب الدين دلاور) وزير المناجم والبترول في إمارة أفغانستان الإسلامية.

سيدي الوزير، سلمك الله، شرّفتنا.

معالي الوزير: سلّمك الله.

سؤال: بدءاً من التصريحات الأخيرة حيث منجم النحاس (مس عينك) في ولاية لوجر، هل تمّ التعاقد مع الصّين مرة أخرى بشأنه؟

معالي الوزير: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

شكرًا جزيلًا لاستضافتكم لي في البرنامج حتى يعرف المواطنون حول المعادن وغيرها. (مسّ عينك) يعد ثروة عظيمة لأفغانستان، هي ملك للشعب الأفغاني يشترك فيه الجميع، يشترك جميع الشعب الأفغاني في المعادن، سواء كانوا من البشتون أو من البلوش، أو من الطاجك، أو من الهزاره، أو من البشئي، أو من الأوزبك، أو من التركمن، جميع الأقوام أغنياء كانوا أم فقراء، رجالا كانوا أم نساء، هذه المعادن في كل المناطق هي ملك لهم وهم يشتركون فيها. نعم هذا أولا.

وثانيًا: بخصوص معدن النّحاس، الأسبوع الماضي كنتُ في منجم (مس عينك)، وقضينا اليوم هناك، وألقيتُ نظرة تفصيلية على المكان هناك، (مس عينك) يقع في جزئين، المنطقة المركزية للمنجم، والمنطقة الغربية للمنجم، لقد تمّ توقيع العقد مع شركة صينية كبيرة، وهم حاليًا قد بنوا هناك أماكن، ومعداتهم لا تزال موجودة هناك، ولكن للأسف هم لم يستوفوا الشروط الموجودة في العقد من جهة الصّين.

وأيضًا توجد مشاكل عديدة في العقد نفسه؛ فالإدارة السابقة كما تعلمون كانت اتفاقياتها ملئية بالفساد، أغلب العقود والاتفاقيات كانت تعقد في دبي، والأموال كانت تذهب إلى جيوب الأفراد، وثروة الشعب العظيمة كانت تذهب جراء هذه الاتفاقيات، ومع هذا كله الصينيون لم يستوفوا الشروط التي وعدوا باستيفائها، وكانوا يملكون بعض الأعذار، مثلًا عذرهم الأوّل هو أنّ رؤساء شركتهم لا يستطيعون المجيء إلى أفغانستان بسبب مشاكل في الفيزا. فقلتُ لموظفهم هنا (اسمه رحيمي)، قلت له: إنه غدًا ستصدر بطاقات الفيزا لضيوفكم في مطار كابل، وسأتحدّث مع معالي وزير الخارجية بهذا الصدد، وأنا واثق بأنه لا توجد عوائق من جهتنا.

وعذرهم الثاني لعدم البدء بالعمل هو أنه قد اكتشفت هنا آثار تاريخية تعود للعصر البوذي قبل 2250 عام، ولكن حتى عذرهم هذا لم يكن في محله، لأنني شاهدت المنطقة كاملة وشاهدت منطقة الآثار، المنطقة المذكورة في العقد والتي سيعملون بها هي المنطقة المركزية لـ (مس عينك)، والمنطقة الغربية مفترقة عنها، والمنطقة المركزية لمنجم (مس عينك) لديها أربع جهات في الجبل، الشرق والغرب والجنوب والشمال، لا توجد مشكلة في الجهة الغربية، ولا توجد مشكلة في الجهة الجنوبية ولا في الجهة الشمالية، فقط في جهة الشرق اكتشفت آثار قديمة من العصر البوذي، والآثار هناك قسمان: القسم الأوّل: آثار قابلة للنقل، وبالفعل قد تمّ نقله أغلبها أصنام للبوذيين، حيث تمّ نقل معظمها إلى المتحف الوطني، والبعض تمّ نقله إلى متحف آخر يبعد عدّة كيلومترات عن المكان، والبعض الآخر من الآثار والأصنام بقيت ورأيتها ناقصة لم تكن كاملة، فرجل الصنم البوذي هنا ورأسه ساقط هناك، وتلك الآثار أيضًا قابلة للنّقل، والآثار الباقية في الجهة الشرقية للجبل هي آثار وبقايا قلعة متهدّمة، ويُقال لها (رسم الدّار باللغة العربية)، أي آثار وبقايا المنازل. وأعتقدُ بأنّ هذا لا يشكّل عائقًا كبيرًا بالنسبة لنا، فالجهات الثلاثة الأخرى لا مشكلة فيها ونستطيع نقل هذه الآثار أيضًا، وقد تكلّمتُ مع وزير الثقافة والإعلام معالي خيرالله خيرخواه بشأن هذا الموضوع، فطول جدران الغرفة هو متر أو نصف متر، ونحن نستطيع نقل هذه الغرفة والأحجار بالكامل ووضعها في مكان بعيد بنفس الطريقة، وأن نبقي لها مكانًا مخصصًا، لأنهم يتّخذون من هذا مبرّرًا لعدم البدء بالعمل، وكما قلتُ لك بالإمكان العمل في الجهات الثلاثة الأخرى بالكامل وهذه كانت مشكلتهم الثانية.

أما المشكلة الثالثة من الشروط المربحة لأفغانستان في هذا العقد هو أنّ التعْدين يجب أن يكون هنا في أفغانستان لإتاحة فرصة العمل للشعب الأفغاني. أجل بالقرب من منجم (مس عينك) يجب عليهم بناء مصنع للتعدين، وأيضًا بناء محطّة لتوليد الطاقة الحرارية حيث باستطاعتها تصدير 400 وات من الكهرباء، كل هذا مكتوب في العقْد، وأن تصل هذه الكهرباء إلى العديد من الولايات، وأيضًا بناء سكة حديدية، وإنشاء طرق معبّدة.

فقلتُ لهم بأنه إذا لم يكن باستطاعتكم العمل على منجم نحاس (عينك) فعلى أقل تقدير كان عليكم استيفاء الشروط الأخرى والعمل عليها. فعلى سبيل المثال: بناء سكّة حديدية، وتشييد الطرق، وبناء محطّة للطاقة الحرارية، كل هذا يتطلّب وقتًا طويلًا، وأيضًا كان عليكم البدء ببناء مصنع التعدين. وكان ردهم بأنهم لا يعرفون هل يبدأون بالتعدين هنا أم لا. لقد اختلقوا عذرًا كي يهربوا من استيفاء الشرط الذي ينصّ على التعدين هنا في أفغانستان، بمعنى أنّهم ينقلون المواد الخامّ إلى كراتشي ويبدأون بالتعدين هناك، وهذه خسارة كبيرة لأفغانستان.

سؤال: هل تسمحون بهذا الأمر؟

معالي الوزير: لا لا أبدًا؛ لأنّ هذا كله مكتوب في العقد، أنا سأوضح لك أنّ المانع الأوّل بالنسبة لهم هي التأشيرة، ونحن قد عرضنا الحلّ، والمشكلة الأخرى هي الآثار القديمة، ونحن سنرتّب طريقة مناسبة تمامًا لذلك، أي أننا سنحلّ هذا الموضوع في أسبوع.

إنهم يختلقون الأعذار فقط، لأنني أخبرتك أنّ الآثار الأصلية قد تمّ نقلها أو هي قابلة للنّقل فلا توجدُ مشكلة إذًا، وهذا المانع الثاني. والمانع الثالث الذي قالوه هو أننا إذا بدأنا بتعدين معادن (مس عينك) هنا في الوطن، فحينها الماء سيتساقط على المصنع أثناء التعدين، وهذا الماء سيصبح سامًا لدرجة أنه إذا انتشر في باطن الأرض، فبطبيعة الحال الماء سيدخل إلى باطن الأرض، فسينتشر السمّ في ماء لوجر وماء كابل، ولذلك نحنُ بحاجة إلى معدن آخر، ومواد معدنية أخرى، علينا مزجهم.

قالوا بأنّ الحكومة السابقة قد وعدتنا بتوفير هذه الموادّ، أي أنّ علينا توفيرها، لكنني مهما نظرتُ في العقد فإنّني لم أجد هذا الشرط أبدًا، فنحن سنقوم بالبحث معهم بشأن هذا الشرط، حتى نعلم أين تم الاتفاق عليه أولاً. ثانيًا هم يقولون أنّ هذه الموادّ توجد في منطقتين، موجودة في منطقة سيالكوت في باكستان، وأيضًا في خانشين في هلمند أي أنّ هذه الموادّ موجودة في بلادنا في خانشين، هناك جبلٌ توجد هذه المواد فيه، ولكن حتى الآن لم يثبت وجود هذه المواد في خانشين.

سؤال: هل هذا الشيء مذكور في العقد؟

معالي الوزير: لا أنا لم أرى شيئًا من هذا في تفاصيل العقد. حتى الآن هذا كلامهم بأنفسهم. فأنا أطلب منهم الإثبات أوّلًا عن موضع الشرط. فهم يقولون بأنّه إذا كانت هذه المواد المعدنية موجودة بالفعل في خانشين بهلمند، فحينها موضوع التعدين هنا سهلٌ؛ لأنه بإمكاننا نقل طن واحد من خانشين إلى هنا بـ 50 دولار، وأمّا إذا لم تكن هذه المواد في خانشين بهلمند، فحينها سنعقد اتفاقًا مع باكستان، مضطرّين لذلك، وسننقله من هناك إلى هنا بـ 250 دولار وحينها ستكون هذا خسارة كبيرة بالنسبة لنا. وقد بدأوا وكأنهم غير مستعدين لتقبل كل هذه الخسائر. فلذلك أرسلت لهم هذا الأسبوع أن يأتوا إلى مكتبي يوم السبت، وسأرسل معهم فريقًا متخصصًا في المعادن من الوزارة إلى جبل خانشين. وسنوضح كل شيء في غضون أسبوع، هل هذه المواد موجودة هنا أم لا، إذا كانت موجودة فالمسألة ستحلّ، وإذا لم تكن موجودة فعلينا بالحلّ الثاني، ولكنهم لم يحضروا حتى الآن لحل هذه المشلكة. إذاً فالمانع الأول هي التأشيرة، والمانع الثاني هي الآثار القديمة، والمانع الثالث هذه المواد المعدنية.

فالمسألة أنّ التعدين خارج أفغانستان سيجعل معدننا واحدًا وكأننا بعنا التراب فقط، وأمّا إذا تمّ التعدين هنا وأنا أعلم أنّ هذا الاتفاق تمّ، لأنهم تحمّلوا مسؤولية التعدين هنا؛ فهذا يساوي امتلاك عشرة مناجم أخرى. يعني سيصبح المعدن الواحد، عشرة معادن. وعلاوة على ذلك، إذا كانت عملية التعدين هنا فهم مضطرين لبناء محطّة الطاقة الحرارية، ومضطرين لبناء السكّة الحديدية، ومضطرّين لبناء كل هذه الأماكن والمشاريع. وإذا كان الأمر عكس ذلك ولم يكن التعدين هنا فكأنهم ينقلون التراب وهذه خسارة فادحة لنا. ولا أخال بأنّ حكومة الإمارة الإسلامية مستعدة للعمل معهم بعقد ناقص، وفق طريقة هؤلاء.

سؤال: في الحكومة السابقة كان هناك قانون بشأن المعادن والثروات، هل لا يزال جاريًا حتى الآن وتعملون وفق ذلك؟

معالي الوزير: حتى الآن مادام القانون لا يتعارض مع مصلحة الشعب والإسلام، أي إذا كان لا يشكل عائقًا أمام المنافع الوطنيّة والشريعة الإسلامية، فنحن سنعمل به، وأمّا القوانين والبنود التي تتعارض مع المنافع الوطنية والأصول الإسلامية، فنحن سنقوم بتقويمها وإصلاحها.

سؤال: لقد سمعت قبل أيام عن إعلانكم عن مناقصة لأحجار الكروميت، أين مكانها؟ ومن الذي استلمها؟

معالي الوزير: عفوًا ليس كروميت بل نفرايت، ومن أثمن الأحجار في أفغانستان هي أحجار النفرايت، بل وفي العالم أيضًا. بإمكانك البحث عن هذا في جوجل، حجر النّفرايت الجيّد والأعلى درجة، وسعر الكيلو منه 2000 دولار، والأدنى درجة سعره 200 دولار للكيلو. وهذه هي القيمة العالمية. مع الأسف البالغ طوال الفترة الماضية كان حجر النفرايت يباع بسعر رخيص جدًا. كان آخر وأعلى سعر لحجر النفرايت عندما جئتُ إلى الوزارة، هو مائة ألف وخمسة عشر أفغاني.

كنا قد عقدنا في ننجرهار مناقصة من منجم صغير أي من الحجم الصغير، فالسعر الأول من قبل تجّارنا المحليين هنا كان ثلاثمائة ألف، وآخر رفع السعر إلى ستمائة ألف وآخر إلى ثمانمائة ألف وخمسين، إلى هذا الحد ارتفعت القيمة، وفي النّهاية وصل السعر مليون، وآخر رفعه إلى مليون وخمسين ألف، وهذا السعر كان ضعيفًا. وفي يوم الثلاثاء عقدنا مناقصة أخرى، فوصل السعر إلى مليون وسبعمائة وخمسين ألف، وغدًا سنعقد مناقصة أخرى للمعدن الصغير، وبإمكان قناتكم أن تحضر، وهذا الحجر جودته عالية قد يرتفع سعره أكثر من هذا.

وحاليًا سعر النفرايت وصل إلى مليون وسبعمائة وستين ألف، هذا أولاً. الأمر الآخر الذي لا بد أن يعرفه المواطنون، هو أننا أخبرنا التجار بأنه لايحق لهم أخذ الأفضل فقط، الأحجار الأعلى والأدنى والأوسط كل هذا يجب عليكم أن تزنوه. فليس بإمكانهم اقتناء الأفضل وترك الباقي. فبعض المواطنين يعتقدون بأنه مادام السعر مليون وسبعمائة ألف، فالتجار يأخذون الأفضل. التجار بأنفسهم يقولون أنه كان في مكان ما حجر بهذا الحجم، ومكتوب تحته 3 مليون دولار. حجر صغير بحجم الكف. ومثل هذه الأحجار الثمينة موجودة هنا، ولو أخذوا الأفضل فقط، فسعر المليون وسبعمائة للطن الواحد رخيصٌ جدًا.

سؤال: هل سيتم نقله وهو خام أم أنّ التعدين سيكون هنا؟

معالي الوزير: سأخبرك بشروطنا، نحن قد كتبنا هذا في العقد مع التجّار، الأعلى والأدنى والأوسط كل هذا يجب وزنه ومعرفة قيمته بعد استخراجه، وأيضًا يجب أن يتمّ استخراج المعادن بالطريقة الفنية الصحيحة، كما يجب أيضا أن يتم الاستخراج بسرعة، وعليهم أن لا يقضوا وقتا طويلًا في عملية الاستخراج هذه، فكل هذه الشروط وضعناها محل الاعتبار.

وحول سؤالك هل التعدين سيكون هنا؟ هناك مصانع وشركات للتعدين في ننجرهار، بعض التجار المحليين أنشأوا مصانع للتعدين هنا، إذاً فأغلب عمليات التعدين ستكون هنا. ولكن في السابق كانت الأطنان من المواد الخام تخرج من البلد بأسعار رخيصة، ونحن الآن أمام مشكلة وهي أنه في السابق هناك أشخاص استخرجوا النفرايت بلا عقد رسمي، والتجار اشتروها منهم، والآن الحمدلله البلد تحت حكم شرعي عادل، هم لا يملكون طريقا لنقلها إلى الخارج، لأنهم اشتروها من مجهولين، والآن هم مضطرين أن يأتوا إلينا، وعندما يأتون إلينا فنحن في مشكلة معهم، فسعرنا الآن ارتفع إلى مليون وسبعمائة ألف، ونحن نقدّم لهم هذا السعر مقابل طن، وهم غير مستعدين لهذا. ومن جهة أخرى هم ينظرون إلى السعر السابق مائة وخمسة عشر ألف، وهذا سعر نرفضه نحن ولا نقبله، فنحن الآن في مشكلة معهم. ونحن بصدد إيجاد حل لا يتضررون منه ولا نتضرر نحن أيضًا.

وهناك مسألة مهمة أخرى وهي أنه يجب علينا أن لا نعتقد أن الربح فقط للحكومة، فالربح الذي يناله التجار هو ربح لأفغانستان أيضًا، لأنّ الذين يعملون على الاستخراج وفي التعدين هم مواطنون، وأموال الصادرات تعود إلينا، لأنّ المصدر الوحيد للأرباح ونملكه نحن الأفغان هي معادننا، وهذه المعادن قيمتها عالية جدًا لدرجة أنه في جولتي القصيرة التي قمت بها، هناك دول قليلة جدًا لديها ثروة عظيمة كمعادننا، أي أنّ أغنى بلد في العالم بأكمله من حيث المعادن هو أفغانستان والحمدلله.

سؤال: في السنوات الماضية كانت هناك عمليات استخراج غير قانونية ونقل وشحن غير شرعية، ما هي التدابير التي اتخذتموها لمنع تهريب الأحجار الكريمة إلى الخارج؟

معالي الوزير: مع قدوم الإمارة الإسلامية لأفغانستان، وبعدما سيطرت الإمارة الإسلامية على أفغانستان، وطبعا عودة الحكم المركزي الشعبي هو من نعم الله العظيمة علينا، لقد عاد الحكم المركزي في أفغانستان بحيث أنه  من شرق أفغانستان إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها في كل هذه المناطق لا توجد منطقة خارجة عن سيطرة الإمارة الإسلامية، وبالتالي ليس بإمكان شخص القيام بعملية استخراج غير قانونية في أي مكان، ومن قام بذلك فسيتم القبض عليه.

قبل أيام أرسلت فريقًا متخصصا في المعادن لمكان ما توجد فيه معادن، لم أقم بالتواصل مع والي تلك المنطقة، أو قائد شرطتهم، قلت بأنه فريق لنا ولا بأس! ولكنهم عندما وصلوا تمّ إلقاء القبض عليهم، فأخبرتهم بأني قد أرسلتهم، فأجابوا بأنه كان يجب عليكم التواصل معنا أولاً، وعندما علموا بأنهم فريق من الوزارة سمحوا لهم. ففريقنا قد واجه متاعب قليلا، ولكنهم والحمد لله فرحوا بكون رجال أمننا سريعين وفعالين لدرجة أنه لم تمض ساعة حتى لحقوا بهم وسألوهم عما يفعلون هناك.

والأمر الآخر أنه إذا كانت السرقة تتم ليلاً، فكما نعلم أن بلادنا واسعة جدا، وليست كبعض الدول الصغيرة 6 أو 4 مليون شخص، لدينا حوالي 36 إلى 40 مليون نسمة والحمدلله، ولدينا جغرافيا واسعة، وقد يكون هناك بعض المواطنين بجانب بيته جبل فيستخرج المعادن منه في الليل، ولكنهم لن يستطيعوا نقله بالخفاء أبدًا. وكما أخبرتك ففي الوزارة لدينا هناك معاملات كثيرة لأشخاص استخرجوا الكروميت أوالنفرايت والآن يطلبون منّا السماح لهم رسميًا، نعم لقد استخرجوها بالخفاء، أما نقلها إلى الخارج، فذلك لا يتم إلا بموافقتنا وتحت سلطتنا، فهم لا يستطيعون نقله بالخفاء. وأعود فأكرّر ليس بالضرورة أن يذهب المال كله إلى بيت المال أو إلى البنك، إذا عادت أموال الصادرات إلى أفغانستان، سواء ذهبت في جيب التجّار أو إلى العامة كلا الأمرين مربح.

سؤال: إلى جانب النحاس وهذه الأحجار الكريمة، هل تملكون خطط لبيع معادن الأحجار الأخرى أو إبرام عقد استخراجها مع أحد؟

معالي الوزير: حاليا نحن نعمل على المعدن من الحجم الصغير، الذي يستخرج في وقت قصير، فيقال عنه بأنه معدن صغير، وهناك أيضا معادن كبيرة، فالمعادن نوعان: الأول هو المعدن الكبير مثل منجم (مس عينك) ومنجم (آجيكك) ومنجم (بروزي)، و(دريا) و(أمو) و منجم الحديد في منطقة غوريان، ومنجم المعادن الأخر في ولاية غور، أي أننا نملك الكثير من المعادن، ويقال لهذا النوع من المعادن بالمعادن الكبيرة، وهذه المعادن تحتل مساحة كبيرة. أعتقد إذا احتل أكثر من مائة هكتار فهذا يعتبر من المعادن الكبيرة، وإذا كان أقل من ذلك فهو معدن صغير.

وفي القانون أن المعدن الصغير يكون تحت سلطة وزير المعادن، أي أنّ وزير المعادن يستطيع أن يبيع هذه المعادن باختياره، لكنني سلبتُ هذا الصلاحية من نفسي، وأنشأتُ قانونًا جديدًا وأريد أن أقوله لك ولجميع المواطنين، وهو أنّ المعادن إذا اكتشفت فإنها لا تخلو من حالتين: إمّا أن تكون قد اكتشفت حديثًا فتكون من المعادن الثابتة، وإما أن تكون قد اكتشفت في السابق، فإذا كان معدنا ثابتا فحينها نقوم بإرسال فريق متخصص لكي يفحصه، ثم نعقد مجلسًا حول هذا المعدن هل نقدمه في المناقصة أم لا، فإذا استقرّ رأينا على تقديمه في المناقصة وأنّ فيه ربحًا، فالخطوة الثانية بعد التحقق من المعدن هي الإعلان.

في السابق كان يعلن عن هذا عبر حساب الوزارة فحسب. وعندما عُيّنت وزيراً اشترطت أن يعلن عن المناقصة عبر قناة ملي وعبر نشره في جريدة الشريعة وعبر موقع الوزارة. والأمر الثاني أنّ مدّة الإعلان في السابق كانت خمسة أيام وأنا زدت المدّة إلى 15-20 يومًا، يجب أن يكون الإعلان مستمرًا من 15 إلى 20 يومًا؛ لأنّ بعض مواطنينا يعيشون في الجبال وفي مناطق بعيدة، حتى الذين يعيشون في الخارج من أجل أن يستعدوا للتقديم والاشتراك.

الخطوة الثالثة: هي اشتراك الناس، بعد ذلك نطلب منهم التقارير، فالجميع يقدم تقريره. مثلا لدينا غداً مناقصة لمعدن من النوع الصغير (وهو النّفرايت)، وجمعنا له 2500 تقرير تقريبا، وأنشأنا لجنة خاصة من المتخصصين في هذا المجال، أشخاص قد حصلوا على شهادة الدكتوراه والماجيستر، وهذه اللجنة القوية تفحص جميع هذه التقارير، ونظام التقارير هذا قديم وجيد أيضا ولكنه طويل جدا، أعتقد أن علينا أن نقصره قليلا. يتكون من 51 أو 55 صفحة، وفي هذه التقارير جميع الأسئلة اللازمة، فعلى سبيل المثال: لقد قدمت طلبا لاستخراج هذا المعدن، فماذا ستفعل بشأن البيئة المحيطة به؟ لأنّ استخراجه يضرّ بالبيئة، فهل وجدت حلا لهذا؟ ما الطريقة التي ستتبعها للاستخراج؟ هل الأشخاص الذين سيقومون بالعملية أشخاص متخصصون أم لا؟ هل سيكون تحت إشراف مهندسين أم لا؟ وكم نسبة الأرباح التي ستأخذها؟ وبعد استخراج المعدن هل ستقوم بتعدينه هنا أم في الخارج؟ وبأي طريقة ستنقله؟ فيه إجابات لكثير من الأسئلة. وفي نهاية التقرير، يتم تقديم الدرجات، الحد الأدنى لنجاح التقرير هو 60 درجة. فمن كانت درجته 60 فبإمكانه الاشتراك في المزاد. قبل بضعة أيام الشخص الذي اشترى بمليون وسبعمائة ألف كانت درجته 86، فعلى أساس هذه الدرجات تشترك في المناقصة.

المرحلة الثالثة هي المناقصة، وأثناء المناقصة حرصت على تواجد الإعلام والهيئة التي ترأس الوزارة والتجار، وبعدها نقدّم لهم الظروف، وكل شخصٍ يكتب اسمه والسعر الذي يعرضه، وبعد أن نستلم الظروف نذكر الأسعار علنًا، ونقول أن فلان عرض أعلى سعر فمن يزيد؟

فالذي يرفع السعر أكثر هو من يحصل عليه، وبعد ذلك نأخذ خمسة بالمائة من السعر، نأخذها دولارات ونضعها في البنك، وقد يكون 55 ألف أو 60 ألف أو 50 ألف دولار، نأخذ هذا الضمان ثم يبدأون بالعمل.

سؤال: هناك أنواع من المعادن التي تعتبر قيمة جدًا أي ليس هناك إذنٌ باستخراجها مثل اللثيوم، هل تأخذون هذا في عين الاعتبار؟

معالي الوزير: بالنّسبة لنا المعادن القيّمة والثمينة يجب التمهل فيها، نحن لا نستطيع بيعها بإهمال لأي أحد هكذا.

حاليًا عوائدنا من المعدن الصغير كثيرة. سأذكر مثالا واحدًا، بالأمس اشترى تاجر ثمان وخمسين وتسعمائة ألف طن من الفحم المستخرج سابقًا، ونحن نبيع الطنّ باثنين وعشرين ألف أفغاني، فاضرب اثنين وعشرين أفغاني بتسعة وخمسين ألف، كم الناتج؟ تقريبا مائة وثلاثين مليون أفغاني، بالأمس اتصل بي وقال هل أنقل هذه الأموال لحساب الوزارة مباشرة؟

وأيضا هناك طلب لأحد التجّار يريد شراء مائة ألف طن من الفحم المستخرج، والطن باثنين وعشرين أفغاني، فالناتج تقريبا مليونين ومئتي ألف. تاجر واحد من مواطنينا يشتري هذا المقدار. والأموال التي تأتينا من الفحم هي 130 أو 140 مليون أفغاني أسبوعيًا، والمتخصصين لدينا من الحكومة السابقة قالوا بأنّ هذا قليل، يجب أن تكون عوائد الفحم في اليوم 50 أو 60 مليون، والآن عوائدنا كثيرة جدًا من النفرايت والكروميت والملح والفحم، فأنا أحب أن أطمئن الشعب وأقول لهم بأنّ هذه الحال ستتغير إن شاء الله. وبلدنا بلدٌ ثري جدا بفضل الله تعالى.

سؤال: فلنبتعد قليلا عن موضوع المعادن، ولنبدأ بالموضوعات السياسية، أعتقد هذا المقدار يكفي بشأن المعادن. وبما أنك كنت عضوا مهمّا من قبل الإمارة الإسلامية في المفاوضات، ولديك معرفة كبيرة بهذا الخصوص، لماذا لا يعترف العالم رسميًا بالإمارة الإسلامية؟

معالي الوزير: يجب أن يوجّه هذا السؤال أولا إلى العالم، لم لا تعترفون بالإمارة الإسلامية؟

سؤال: هم يدّعون بأنّ الإمارة الإسلامية لم تنفّذ الشروط التي عليها.

معالي الوزير: نحن نفّذنا جميع الشروط بالكامل، بل هم من لم ينفّذوا الشروط التي كانت عليهم. باعتقادي بما أنك سألتني هذا السؤال حول عدم اعتراف العالم بالإمارة الإسلامية حتى الآن، أقول بدءً بأنّهم سيعترفون قريبًا إن شاء الله. فهم مضطرّين إلى الاعتراف. والأمر الثاني هو أنّ أمريكا التي كانت على رأس الناتو ومعها الدول المتحالفة 48 دولة، جميع هذه الدول رفعت أعلامها في أفغانستان، وكان وجودهم هنا في أفغانستان سياسيًا وعسكريًا احتلال ظالم، لقد اضطهدوا الأفغان لمدة 20 عامًا وظلموهم ظلمًا شديدًا، لقد مرّ علينا كل ذلك. لقد استخدموا أمّ القنابل، والطائرات النفّاثة، وطائرات الدرونز، والمداهمات والقنابل، اقترفوا كل شيء، ولقد أنفقوا التريلونات من الدولارات هنا، ومات الكثير منهم أيضًا، فهم أيضًا لديهم مشكلة، مشكلة سياسية هي أنهم لا يملكون جوابًا شافيًا لشعبهم، ليست لديهم إجابة لشعبهم عن كونهم كانوا يمارسون الظلم هنا لمدّة عشرين عامًا، والآن تغيّر سياستك فجأة هكذا، فالتغيير يجب أن يتمّ ببطئ وبالتدريج. وأيضًا لا يملكون جرأة سياسية حتى يقولوا بأننا كنّا مخطئين، وأننا ظالمين. الأمر واضح لهم وضوح الشمس في كبد النهار كون الإمارة الإسلامية أمينة وضامنة لأفغانستان، وأيضا لقد اعترفوا بهذا في وقت سابق، وقالوا بأنكم الذين تهتمون لأمر أفغانستان حقًا، أنتم تريدون إصلاح أفغانستان، والشعب الأفغاني معكم ويريدكم. وأنا أقول يجب عليهم أن يملكوا جرأة سياسية، فكما ذاقوا طعم الهزيمة عسكريًا، يجب عليهم أن لا يلعبوا الحيل السياسية.

سؤال: معالي الوزير، إلى جانب أمريكا، لماذا الدول الأخرى لاتزال هكذا؟

معالي الوزير: أنتم تعلمون جيّدا مدى تأثير أمريكا السياسي، هذا واضح.

سؤال: أيضًا من المسائل التي تطرح كثيرًا، هي أنّ الإمارة الإسلامية لم تؤسس حكومة أفغانية شاملة؟

معالي الوزير: الحكومة الأفغانية الشاملة لها تعريفان، التعريف الأوّل للشمولية هو الذي تقوله أمريكا والأمم المتّحدة، وهناك تعريف آخر وهو الذي نقوله نحن بناءً على الواقع.

سؤال: ما التعريف الذي تطلب أمريكا تنفيذه؟

معالي الوزير: تعريف أمريكا للشمولية -وأنت تستطيع أن تسأل خليل زاده- هو أنهم قدّموا من 11 اسماً إلى 15، وقالوا لنا بأن نضمّ هؤلاء الأشخاص إلى الحكومة وحينها ستصبح شاملة.

سؤال: هل تريد الإفصاح عن أسماء هؤلاء الـ 15 شخص؟

معالي الوزير: على سبيل المثال سأذكر القليل، لقد ذكروا سماسرة، مثلا ذكروا ابن دوستم، ومحقق، وخليلي، وعطاء نور، كتبوا أسماء أشخاص كهؤلاء. إذاً هم يعتبرون الشمولية ضمّ هؤلاء، إذا ضممنا هؤلاء الأشخاص الـ 11، فحينها ستصبح الحكومة شاملة. والأمر الثاني والعجيب أيضًا هو أنه إذا طلبت من أمريكا إصدار بطاقات فيزا لهؤلاء للذهاب إلى أمريكا فهم لن يسمحوا بذلك، أي أنّ هؤلاء الأشخاص وفق القانون الأمريكي مجرمين لدرجة عدم السماح بإصدار فيزا لهم، ممنوعين من الدخول، أجل هم ممنوعون من دخول أمريكا، وبالنسبة للأفغان الآخرين فيوقفون لهم الطائرة ويسمحون لهم بالصعود بلا جواز سفر ولا تأشيرة وبلا تذاكر وبلا بطاقة فيزا، اصعدوا إلى الطائرة ليُذهب بكم إلى واشنطن، أمّا هؤلاء الأشخاص الـ 11 فهم ممنوعون من الدخول.

عدد الموظفين لدينا في الوزارة 558 شخص، ونظامنا في الوزارة إلكتروني بالكامل، وكل هؤلاء الموظفين جميعهم من السابق، فقط 8 أشخاص منهم جدد، وحتى هؤلاء لم يعينوا رسمياً بعد مع قدوم الإمارة الإسلامية. فإذا كان عدد القدامى 550، وفيهم الطاجك والأوزبك، والهزارة، والبشتون، يوجد الجميع، ومن جهتنا 8 أشخاص، فأنا أقول بأنّ الحكومة في أفغانستان أصبحت شاملة الآن، لأنّ 8 أشخاص من جهتنا لم يكونوا موجودين في السابق، والآن انضم إلى العاملين في الوزارة أشخاص من جهتنا، فإذا كانت الحكومة ليست شاملة مع وجود هؤلاء الـ550 شخص في وزارة المعادن والبترول، فهل ستصبح شاملة بعد ضمّ شخص أو شخصين من 11 شخص؟ فهذا هو التعريف الظالم للشمولية من جهة العالم.

أما تعريفنا للشمولية فهو أن يكون الشعب الأفغاني كله منضمّا، أن ينضمّوا مع وجود الأهلية والتقوى. الأشخاص الثمانية الذين هربوا بعد قدومنا هربوا من تلقاء أنفسهم، أي أنّ وزير المعادن هرب بنفسه، نحن لم نطردهم ولم نقل لهم اذهبوا، وحتى الآن نائبي ومساعدي اسمه نور الله ستانكزي من ولاية لوجر هو مساعدي، حافظ للقرآن الكريم، ولقد عيّن هنا من السابق بسبب اجتهاده، عندما أنظر إليه أراه رجلًا صالحًا وهو حتى الآن مساعدي ودائمًا يكون بجانبي، ومساعدي الآخر الحاج الملا محمد عيسى خان من ولاية قندهار، فنحن نقرّر ونتشاور معًا، أي أنه لا يشعر بالفرق أبدا؛ مثلا هذا وزير جديد، أشاوره في كل شيء ومازال في وظيفته مساعدًا، هو لم يهرب، والجميع هكذا.

نحن لدينا 30 قسمًا في وزارة المعادن. عندما دعوتهم لأوّل مرة سألتهم فردًا فردًا، من أين أنت؟ من أي ولاية؟ حاليا لدينا شخصين حصلوا على درجة الدكتوراه و17 شخص حصلوا على الماجيستر، و4 أشخاص حصلوا على درجة الليسانس، والباقون أيضًا مثلهم، فلا يوجد أحد تحت درجة الليسانس. والجميع عينوا في الحكومة السابقة، قد يكون هناك أشخاص في بعض الأقسام هربوا وتركوا مكانهم خاليا وهؤلاء معروفون.

سؤال: المسألة الأخرى التي تطرح كثيراً هي مسألة التعليم والعمل للبنات والنساء، متى ستنفّذ الإمارة الإسلامية التصريحات التي قالتها بشأن هذا الموضوع؟

معالي الوزير: أيّ دولة تحرّرت تتحرر من دولة واحدة، فلننظر إلى تاريخ الدول؛ مثلا باكستان تحرّرت من بريطانيا، الهند تحرّرت من بريطانيا، الجزائر تحررت من فرنسا، أي أنّ أغلب الدول تحررت من دولة واحدة، أمّا أفغانستان فقد تحررت قبل شهور من 48 دولة، أي أننا كنا في الحرب ضدّ 48 دولة رسمية، وأمّا الدول الصديقة فأنت تعرف كم هي كثيرة أكثر من 70 دولة، لقد حرّرنا أفغانستان من أكثر من 48 دولة، أي أنه لا توجد دولة أخرى تحرّرت من أكثر من 48 دولة غيرنا نحن. والأمر الثاني: انظروا إلى التاريخ، ستجدون أنّ أي دولة تتحرر لا تستطيع النّهوض لمدّة 10 سنوات على الأقل، وأما نحن والحمدلله في غضون شهور قليلة في هذه الحال الجيّد، لقد كنتُ أيام في الدوحة والآن أنا هنا معك، أي أنّ الإشراف على كلّ هذا في شهور قليلة شيءٌ كبيرٌ جدًا.

والأمر الثالث: أنّ أمريكا كانت تقول لنا وجهًا لوجه، أننا إذا خرجنا من أفغانستان فسنواجه مشكلتين، بدء حربٍ أهلية وأنّ أفغانستان ستصبح مثل سوريا، واليوم انظر إلى هذا الأمن، ناهيك عن سوريا فلا تسمع صوت طلقة واحدة والحمدلله. أنا جالس هنا، فأخبرني إن كان لديك خبر مثل نشوب معارك أو شيء كهذا في كامل التراب الأفغاني، أو لا سمح الله جرح أحد المواطنين.

فهذا إنجاز عظيم أنجزناه في أربعة أشهر، حيث لم تنشب معركة واحدة، وهم قدّموا هذا التحذير بأنه إذا خرجت أمريكا أو النّاتو فإنّ أفغانستان ستصبح مثل سوريا، فهذا الأمن نعمة عظيمة من الله عزوجل وإنجاز كبير أيضًا. وكانوا يقولون بأنه ستبدأ حرب أهلية بين الأفغان وأنّ أفغانستان ستنقسم، وأنّ الشمال سينفصل عن الجنوب، لقد وضعوا مقدمات جاهزة وقدّموا أسبابا بأنّ خروجهم سيكون سببا في تقسيم أفغانستان.

المحتلّ عند خروجه دائمًا يحرص على نشر الفوضى والفساد في البلاد، حتى يفكّر النّاس أنّ الاحتلال أفضل حالا من هذا الوضع، مثلا بعد هزيمة وخروج الاتحاد السوفييتي، أثناء الحرب الأهلية بين المجاهدين صرخ النّاس بأنّ الاتحاد السوفييتي كان أفضل حالا من هذا. وأمريكا تقول بأنّه إما أن تصبح أفغانستان مثل سوريا أو تنقسم، ولقد منعنا حدوث هذين الأمرين، ومنع هذين الأمرين لم يكن سهْلا.

أيضًا تعلمون أنه في غضون أربعة شهور، في ثمان ولايات، المدارس من الصف الأول حتى الصف الثاني عشر قد فتحت أبوابها لأخواتنا وبناتنا، في مزار شريف وبغلان وفي بدخشان وهرات في 8 أو 9 ولايات المدارس مفتوحة، فلا يمكن إصلاح كل شيء دفعة واحدة، فمن ناحية نحن قد تحررنا حديثاً، ومن ناحية أخرى أمامنا مشكلات كثيرة في النّظام، ومن جهة أخرى متطلبات العالم. مسؤولية الأمن تقع على عاتق الإمارة الإسلامية، وإقامة القضاء العادل موكول إليها، ومشاكل الاقتصاد تركت لهم، ومشاكل التعليم وكلت إليهم، فالمطالبة بإصلاح كل هذا في آنٍ واحد غير منصف.

إنّ تعليم البنات يجب أن يكون مطابقا للقواعد الشرعية والعادات الأفغانية، أخواتنا وبناتنا سيتلقين التعليم مع مراعاة هذين الأمرين، لأنه من جهة هنّ سيتلقين التعليم ومن جهة أخرى الحفاظ على شرفهنّ وعفّتهن. وهذا الأمر لا يحرص عليه قادة الإمارة الإسلامية فقط، بل جميع الأفغان يطلبون أن تكون بناتهم في عزة وأمنٍ، أي أفغاني يبغي أن تكون ابنته في عفّة، لا أعتقد أن هناك أفغاني يرضى بخروج ابنته أو أخته من البيت بلا عفّة، فأنا أؤمن بأنّ مثل هذه القوانين ستصدر قريبا جدا. فالمسألة واضحة بلا شك. وأنّ أبواب الجامعات الأهلية مفتوحة لبناتنا وأخواتنا، فأين المشكلة إذاً. هم لأجل كورونا فقط يغلقون المدارس لستة شهور.

وأما مسألة العمل فلا أعتقد أنك ستستطيع ذكر دولة تعمل فيها النّساء في كل مكان، حتى الدّول التي تحرّرت فيها المرأة ونالت حريّتها بالكامل، لن ترى فيها النساء تعمل في كل مكان. الإمارة الإسلامية تحتاج إلى وجود النساء في وزارة الصحة مائة بالمائة، لم يأتين من تلقاء أنفسهنّ، بل نحن من دعيناهنّ إلى القدوم، وزارة الصحة ليست في كابل فقط بل في كامل أفغانستان، في جميع ولايات أفغانستان، في المستوصفات والمستشفيات والمجمعات الصحية وفي وزارة الصحة، في جميع هذه الأماكن تعمل أخواتنا وبناتنا مع مراعاة الالتزام بالحجاب الشرعي، يعملن في شرف وعفّة. وفي الجامعات عادت الأستاذات إلى عملهنّ، كما عادت الموظفات في رئاسة الجوازات حسب علمي، ووجّهت إليهنّ الدعوة لكي يعدن للعمل. وفي المطار أيضًا رأيتهنّ بنفسي وهنّ يعملن. وليس من المناسب أن يعملن كل شيء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى